كتابات

قدسية المعركة وحتمية النصر

د/ فهد جارالله

معركتنا مع الحوثية معركة مقدسة تاريخية حقيقية على كل الأصعدة _ فكرية ,أخلاقية , سياسية , عسكرية _ وتاريخيتها تأتي من أكثر من اعتبار .

فهي معركة تاريخية ممتدة منذ مئات السنين وتحديدا منذ قدوم المدعو يحيى الرسي المشئوم إلى اليمن السعيد عام 280هجرية ومن تلك اللحظة بدأت أولى جولات هذه المعركة التاريخية المدمرة للمجتمع أرضا وإنسانا بما يحمله هذا الدخيل (الرسي )من فكر متطرف بعيد عن روح التسامح والترابط الذي جاء به الإسلام الحنيف وءآمن به أهل اليمن ,هذا الفكر المبني على مبدأ الولاية والاصطفاء الإلهي وما تحمله هذه الفكرة من عنصرية واستعباد وتجهيل وانحراف بعيد عن روح الشريعة الإسلامية الغراء.

لقد بدأ يحيى الرسي ومن معه من الأتباع المغرر بهم باسم حب آل البيت وحق الولاية معركته التاريخية مع اليمنيين المسالمين الذين يحملون ثقافة البناء والتنمية بناء السدود وتشييد القصور والقلاع وإنشاء المدرجات الزراعية وزراعة البن والمحاصيل الأخرى …ومن تلك اللحظة دخل اليمنيون نفق مظلم وصراعات دموية لم يشهد لها تاريخ اليمن مثيلا .

وهي معركة تاريخية لأنها مستمرة من تلك الفترة وحتى هذه اللحظة وتتوالى جولاتها جولة بعد جولة فلم يمر جيل من الأجيال وقرن من القرون إلا وشهدت اليمن صراعات مدمرة وخصوصا في شمال اليمن وكان الأئمة يشعلون شرارة هذه المعارك ضد قبائل اليمن سعيا لقمعها وتطويعها أو بين الأئمة أنفسهم بهدف الاستيلاء والتفرد بالحكم وكما هي العادة في جميع جولات هذه المعركة يكون وقودها أبناء اليمن من الطرفين سواء أتباع الأئمة من المغرر بهم أم ممن ثاروا على واقع الاستبداد والظلم والطغيان وتشهد بذلك المقابر الكثيرة والكبيرة في صعدة وعمران وحجة وغيرها…واليمنيون يعرفون ذلك جيدا.

أما تكييف وتوصيف هذه المعركة التاريخية بجميع أبعادها بين الأئمة الدخلاء وبين اليمنيين فهي معركة بين الحق والباطل بين الخير والشر بين الدين الحق وبين الخرافة والكهانة والتحريف والتزييف ولا جدال .معركة بين دعاة الحرية ودعاة العبودية ولا جدال معركة بين الشورى وبين الدكتاتورية والاستبداد ولا جدال .

وكل من لا يرى هذا التكييف والتوصيف لهذه المعركة فهو إما أن يكون مع الباطل وحزبه ومنطقي أن لا يصف هذه المعركة بهذا الوصف حتى لا يحكم على نفسه بأنه من أهل الباطل والغريب أن من هؤلاء من يقر بأنها معركة بين الحق والباطل حقيقة ولكنه يجعل أعداء الله وأعداء الوطن والحرية القتلة المجرمين هم أهل الحق ويجعل دعاة الخير والحرية والعدل الثائرين على الظلم والطغيان من المظلومين المشردين هم أهل الباطل ,وإما أن يكون جبانا خائفا علم أنه لن يقوى على الوقوف مع الحق ومناصرته إن أقر هو له بأنه الحق فيعمد إلى وصف المعركة بغير وصفها فيقول بأنها معركة على الكرسي والسلطة وليس لها بالدين والوطن والحرية والكرامة والأخلاق….أي علاقة.

ومن خلال توصيف المعركة وأنها بين حق وباطل وبين دعاة الخير والحرية والكرامة وبين أعداء الله والوطن والدين دعاة الاستبداد والعبودية …
فإننا نجزم بنصر الله لنا وأن الأمر لا يعدو مسألة وقت يغربل فيه الصف وتمتحن فيه القلوب حتى يعلم الصادقين المخلصين من الكاذبين الزائفين أرباب المصالح والأهواء …ثم يكون نصرا حتميا لدينه وعباده الصالحين .

وهنا لابد لنا من وقفة حتى تتضح الرؤية لدينا وهي أن وعد الله للمؤمنين بالنصر هو وعد لنهايات المعارك و مألآتها وليس وعدا لكل جولة من جولات هذه المعارك والتاريخ يشهد بذلك فكم من المعارك التي هزم فيها أهل الحق وأنتصر أهل الباطل .

وثقتنا هنا لابد أن تكون في الله وليس في نصره والفارق بين الثقتين كبير فثقتنا في الله تعني ثقتنا في أنه أله موجدُ خالق وقادر أنزل علينا شريعته وأمرنا بالجهاد من أجلها ومن أجل كرامتنا وعزتنا ثم وعدنا بالجزاء العظيم إن نحن أوفينا بعهدة جزاء في جنات الخلد والنعيم المقيم .

ثقة في أن عملنا وجهادنا لابد أن يكون لأجل الله وثقة في أن الله يجازي بالعدل والفضل وأنه ينتظر منا العمل والجهد ولا ينتظر منا النتيجة ,فالعمل والجهد علينا والنتائج عليه ,وبالتالي فإن جزاءنا كامل وأجرنا مضمون سواء حقننا النتيجة أو لم نحقق فالجزاء على الأعمال وليس على النتائج وثقتنا في الله أنه سينصر دينه وشريعته في نهاية الأمر وسيحقق موعودة كما جاء في كتابه العزيز : ((وكان حقا علينا نصر المؤمنين..)).

وأخيرا فإن الثقة في الله تثبت العمل وتديمه أكثر من الثقة في النصر فالثقة في الله تحث على الزيادة في العمل والجهد وعلى دوام الصبر والمثابرة والمرابطة , أما الثقة في النصر فقد يتبعها اليأس والقعود إذا ما لاح في الأفق ما يشير إلى هزيمة أو انتكاس وهذا ما يحدث بين الحين والآخر .

والثقة بالله وفي ثوابه أيا كانت النتائج فهي ما يدفع إلى العمل وبذل الجهد والمثابرة دون انتظار شيء فلا مكان معها لليأس ولا للقعود .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى